كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِآخَرَ وَيَعْرِضَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَهَذِهِ «وَقَعَتْ لِلصِّدِّيقِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَهَبَ لِلصُّلْحِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَفِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَاقْتَدَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاقْتَدُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْأَوَّلِ لِلْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّ جَوَازُ ذَلِكَ بَلْ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي ظَاهِرٌ. اهـ. مُلَخَّصًا وَاسْتِظْهَارُهُ لِلثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ أَمَّا أَوَّلًا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَعِنْدَ الِاسْتِخْلَافِ لَا يَحْتَاجُ الْمَأْمُومُ لِنِيَّةٍ بَلْ لَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْ أَوْ الْإِمَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُمْ إذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ مَعَ عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَمَعَ بُطْلَانِهَا أَوْلَى ثُمَّ قَدِمَ هُوَ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ تَقَدَّمَ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ بِشَرْطِهِ لَمْ يَحْتَاجُوا لِنِيَّةٍ بِالْخَلِيفَةِ كَمَا يَأْتِي فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْجَلَالِ، وَالصَّحَابَةُ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ إلَخْ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّهِمْ لَكِنَّ رَابِطَةَ الْأَوَّلِ زَالَتْ وَخَلَفَتْهَا رَابِطَةُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ نِيَّةٍ مِنْهُمْ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَدْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ اقْتَدَى بِآخَرَ سَقَطَ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ وَصَارُوا مُنْفَرِدِينَ وَلَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ الثَّانِي الَّذِي اقْتَدَى بِهِ الْإِمَامُ لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ فَقَوْلُهُ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ يَرُدُّ قَوْلَ الْجَلَالِ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَاقْتَدَوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ تَابَعُوهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ لِنِيَّةٍ فَصَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ الْإِمَامَةِ بِتَأَخُّرِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحَابَةُ بِتَقَدُّمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ لَهُ صَارُوا مُقْتَدِينَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا ذَلِكَ وَمَعْنَى رِوَايَةِ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ تَكْبِيرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْتِنَاعِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمَأْمُومِ اتِّفَاقًا.
تَنْبِيهٌ:
فِي الْمَجْمُوعِ فِي رِوَايَاتٍ قَلِيلَةٍ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَنْهَا إنْ صَحَّتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُومًا وَمَرَّةً كَانَ إمَامًا. اهـ.
وَقَدْ يُجْمَعُ بِأَنَّهُ أَوَّلًا اقْتَدَى بِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ تَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَاقْتَدَى بِهِ وَلَعَلَّ الْجَمْعَ بِهَذَا أَقْرَبُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ وَرَاءَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ إلَّا وَرَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي تَبُوكَ (وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ؛ لِأَنَّهُ يُلْغِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَيَتْبَعُهُ كَمَا قَالَ (ثُمَّ) بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ (يَتْبَعُهُ) وُجُوبًا (قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) مَثَلًا رِعَايَةً لِحَقِّ الِاقْتِدَاءِ وَمَرَّ فِي فَصْلِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي تَشَهُّدِهِ انْتَظَرَهُ وَلَا يُتَابِعُهُ (فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) فَيَقُومُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَاقْتِدَاؤُهُ بِغَيْرِهِ إلَّا فِيهَا (أَوْ) فَرَغَ (هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ أَوَّلًا (فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ وَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ لِعُذْرٍ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ) بِقَيْدِهِ السَّابِقِ فِي فَصْلِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ (لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ (وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ) مَعَ الْإِمَامِ مِمَّا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ لَا كَالِاعْتِدَالِ وَمَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ فَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَآخِرُ صَلَاتِهِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، وَالْإِتْمَامُ يَسْتَلْزِمُ سَبْقَ ابْتِدَاءٍ.
فَخَبَرُ مُسْلِمٍ «وَاقْضِ مَا سَبَقَك» يُحْمَلُ الْقَضَاءُ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ الشَّرْعِيَّةِ هُنَا (فَيُعِيدُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الصُّبْحِ مَثَلًا مَنْ أَدْرَكَ ثَانِيَتَهَا مَعَهُ الَّتِي هِيَ أُولَى الْمَأْمُومِ وَقَنَتَ مَعَهُ فِيهَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ كَمَا مَرَّ وَأَفَادَهُ قَوْلُهُ يُعِيدُ (الْقُنُوتَ)؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ آخِرَ الصَّلَاةِ وَفِعْلُهُ قَبْلَهُ مَعَ الْإِمَامِ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) إذَا أَحْرَمَ مَعَ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ فَارَقَ ثُمَّ اقْتَدَى بِآخَرَ كُرِهَ وَهَلْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا تَفُوتُ إلَّا فَضِيلَةُ الِاقْتِدَاءِ بِالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي م ر.
(قَوْلُهُ: الْمُفَوِّتَةُ) أَيْ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّمَا جَاءَ وَأَحْرَمَ لِيَقْتَدُوا بِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَرْتَبِطْ بِصَلَاةِ إمَامٍ) فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ اقْتَدَى لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا جَازَ لَهُ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَيْ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اقْتَدَى عَقِبَ إحْرَامِهِ أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَهُ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَوَّلِ وَبَعْضَهَا فِي الثَّانِي وَعَلَى هَذَا هَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ كَالْمُوَافِقِ وَفِي الثَّانِي كَالْمَسْبُوقِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَاقِعَةُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ إنْكَارِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَدَمِ بَيَانِهِ الْحَالَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَقْتُ الْبَيَانِ، وَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ فِعْلِ الصِّدِّيقِ نَفْسِهِ بِكُلِّ حَالٍ إذْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْإِجْلَالِ وَلِلصِّدِّيقِ خَلْفَهُ مِنْ الْفَضْلِ، وَالْكَمَالِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِظْهَارُهُ لِلثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ إلَخْ) وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْجَلَالِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِخْلَافِ مِنْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ مِنْ الْإِمَامَةِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْقَفَّالِ لَوْ اقْتَدَى الْإِمَامُ بِآخَرَ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى جَمَاعَةً يُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَبَنَى الْقَفَّالُ عَلَى الْجَوَازِ تَصْيِيرَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ وَأَنَّ لَهُمْ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ اقْتَدَى بِهِ مُسْتَدِلًّا بِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْجَلَالِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ لَا الِاسْتِخْلَافِ وَفِي الْخَادِمِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ اقْتَدَى بِآخَرَ سَقَطَ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ بِآخَرَ إلَى إخْرَاجِ نَفْسِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بَلْ اقْتِدَاؤُهُ بِالْآخَرِ يَتَضَمَّنُ خُرُوجَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَهَلْ يَحْتَاجُ الْمُقْتَدَى بِهِ حِينَئِذٍ إلَى نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ ظَاهِرًا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ وَلَا اقْتِدَاءٍ بِغَيْرِهِ فَالْوَجْهُ بَقَاءُ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَوُجُوبُ مُتَابَعَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ خِلَافًا فِي ذَلِكَ لِمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَيَأْتِي فِي الِاسْتِخْلَافِ آخِرَ بَابِ الْجُمُعَةِ سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ بِهَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وِفَاقًا لِمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ قَطْعَهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) فِي إطْلَاقِ تَضْعِيفِهِ نَظَرٌ إذْ مُجَرَّدُ اقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِآخَرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَحَقُّقَ اسْتِخْلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: يَرُدُّ قَوْلَ الْجَلَالِ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِمْ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ) أَيْ الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ تَابَعُوهُ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْجَلَالِ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ إلَخْ الَّذِي اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ فَهَذَا حَمْلٌ لِلْمَعْطُوفِ فِي كَلَامٍ عَلَى مَا يُنَافِيهِ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُرِدْ هَذَا لَوْ كَانَ إخْرَاجُهُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ مَانِعًا عَنْ الِاسْتِخْلَافِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ تَابَعُوهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْجَلَالِ أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: بِتَأَخُّرِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ لَا يَقْتَضِي خُرُوجَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بَلْ لَابُدَّ مِنْ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْمَأْمُومِينَ وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَهُ عَنْهُمْ بَلْ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْجَمِيعِ قَطْعِيٌّ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ وَرَاءَ الْجَمِيعِ الثَّانِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَأَخَّرَ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ أَوْ لَا لِفَوَاتِهِ صُورَةَ الِاقْتِدَاءِ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت مَا تَقَدَّمَ الثَّالِثُ قَدْ يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِتَأَخُّرِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ لَا صَيْرُورَتُهُ مُتَقَدِّمًا بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحَابَةُ بِتَقَدُّمِهِ) أَيْ صَارُوا مُقْتَدِينَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ الِاقْتِدَاءُ لِلْمُنْفَرِدِ دُونَ الْمَأْمُومِ الْآتِي لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ افْتَتَحَ جَمَاعَةً ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى بِأَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ جُنُبٍ أَوْ مُحْدِثٍ جُهِلَ حَالُهُ ثُمَّ عَلِمَ الْإِمَامُ فَخَرَجَ وَتَطَهَّرَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فَأَلْحَقَ الْمَأْمُومَ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ ثَانِيًا أَوْ جَاءَ آخَرُ فَأَلْحَقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِحَدَثِ الْأَوَّلِ جَازَ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ وَتَكُونُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ انْعَقَدَتْ جَمَاعَةً ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جَمَاعَةً بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَكَذَا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَاسْتَخْلَفَ، فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ نَقَلُوا صَلَاتَهُمْ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ. اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ فَنَوَى قَطْعَهَا مِنْ غَيْرِ تَبَيُّنِ نَقْصٍ فِي الْإِمَامِ ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ آخَرَ كُرِهَ لَهُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمّ فِيهِ وَلَوْ فَارَقَ الْأَوَّلَ لِعُذْرٍ أَتَمَّ مُنْفَرِدًا وَيُكْرَهُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِآخَرَ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُلْغِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ لَا يُلْغِيهِ فِي الْمَاضِي حَتَّى إذَا اقْتَدَى بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ رُكُوعِهِ بِقَائِمٍ حُسِبَ لَهُ هَذَا الرُّكُوعُ دُونَ مَا يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ بَلْ ذَاكَ لِلْمُتَابَعَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا مَثَلًا) أَيْ أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السَّجْدَةِ الْأُولَى بِمَنْ فِي الْقِيَامِ قَامَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُعْتَدُّ لَهُ بِرُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ الَّذِي فَعَلَهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ حَتَّى إذَا قَامَ عَنْهُ إلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي الِاعْتِدَالِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ وَافَقَهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ وَفِي هَذَا كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ فَصْلِ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ الْبَحْثُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَجَوَّزَ م ر أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ فِيهِ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَغْرِبِ بِالظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ فِي سُجُودِ رَكْعَتِهِ الْأَخِيرَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْمُقْتَدِي الْجُمُعَةَ فَتَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ لِفِعْلِهِ إيَّاهَا جَمَاعَةً مَعَ فِعْلِ أَرْبَعِينَ لَهَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّارِحِ فَلْيُنْظَرْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَاسْتَشْكَلَ جَوَازُ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكَرُّرُهُ بِتَكَرُّرِ الِاقْتِدَاءِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِحُرْمَةِ الِانْتِظَارِ إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ يَقَعُ بَعْضُهَا خَارِجَ الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَرَعَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّهُ مُدٌّ لَهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ. اهـ.